تظهر عبارات المتكلمين في هذه المسائل الغيبية موافقة لما عليه السلف - رضوان الله عليهم -، حيث يقتصر مستند دلالتها عندهم على الوحى الصادق، ومع ذلك فقد تظهر بعض المخالفات التي تسربت إلى المعتقد، بسبب التصدى للرد على الفلاسفة؛ واعتمادهم في ذلك على المنهج العقلى، الذي قد يحيد بهم أحيانًا عن معين الوحى، كانت مسألة الإعادة وكيفيتها مما يظهر فيه اتباعهم ذلك المنهج؛ حيث تصدوا للرد على منكرى البعث من الفلاسفة، كما أن لهذه القضية ارتباطًا وثيقًا بمسألة الحدوث، وإن صح التعبير هي الوجه الثاني لها، وقد اشتهرت مخالفتهم فيها للمنهج الصحيح، وعند سبر أقوالهم فيها نجد أنها لا تخرج عن أحد قولين؛ يقول الرازي:"أما القائلون بالمعاد البدنى؛ منهم من زعم أن الله تعالى يعدم البدن ثم يعيده، ومنهم من زعم أنه يفرق الأجزاء ثم يجمعها". (١).
وكان لكلا الفريقين جمع من الأدلة، التي استند إليها في تقرير دعواه، والآن مع عرض أقوال الصاوي في هذه المسائل المتتالية.
* * *
رأي الشيخ الصاوي:
لقد تناول الصاوي في بيان حقائق الساعة في تفسيره، أو في حواشيه العقدية عددًا من المواضيع المرتبطة بها، وتظهر إرادته الترتيب جلية في عرضه لها، ويمكن ترتيبها كالتالى:
أولًا: ما يتعلق بالنفخ:
لقد كان النفخ أول ما تناول بحثه من تلك المواضيع المتعددة، فعند تعريفه للصور المعد للنفخ فيه، يقول: هو "القرن المستطيل".