للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتقديمهم على غيرهم إنما كان لاستحقاقهم الإمامة باكتمال الشروط التي يحبها الله ورسوله فيهم - رضي الله عنهم أجمعين -، والأدلة في ذلك كثيرة متضافرة (١).

كما يستند التقديم بالأولية في الفضل إلى أن مهمة الإمام الأولى هي الحكم بشريعة الله ورسوله، والقيام برعاية مصالح المسلمين، فلما انعدم المماثل للرسول - صلى الله عليه وسلم - في حكمه بشريعة الله كان؛ "أحق الناس بخلافة نبوته أقربهم إلى الأمر بما يأمر به، والنهى عما نهى عنه" (٢).

* * *

[تعدد الولاة]

- ومن المسائل المتعلقة بالإمامة والتى أشار إليها الصاوي مبينًا رأيه: قضية تعدد الإمام، حيث حكم بتحريم تعدد الإمام ما لم تكن هناك مصلحة متحققة من تعدده، كاتساع الدولة الإسلامية وتعدد أقطارها مثلًا.

وكان هذا الذي ذهب إليه الصاوي مما حكى الإجماع عليه من أهل العلم، يقول ابن حزم - رحمه الله -: "اتفق من ذكرنا ممن يرى فرض الإمامة على أنه لا يجوز كون إمامين في وقت واحد في العالم، ولا يجوز إلا إمام واحد".

وقد استدل لهذا بعدد من الأدلة: نقلية، وأخرى عقلية مستنبطة من النقلية، إذ لا تعارض بين الصحيح منهما، يقول: "قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: ١٠٥].

وقال: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: ٤٦].

فحرم الله عز وجل التفرق والتنارع، وإذا كان إمامان فقد حصل التفرق المحرم؛ فوجد التنازع، ووقعت المعصية لله تعالى، وقلنا ما لا يحل لنا.

وأما من طريق النظر والمصلحة، فلو جاز أن يكون في العالم إمامان لجاز أن


(١) المرجع السابق: (١/ ٥٣٠).
(٢) المرجع السابق: (١/ ٨٤).

<<  <   >  >>