الإيمان بالمصطفى - صلى الله عليه وسلم - أصل عظيم من أصول الإيمان، فقد قرنت الشهادة بنبوته بشهادة توحيد الباري تعالى، فلا يعبد الرب تعالى إلا بما جاء به، وفى ذلك إشارة إلى أن الإيمان بالله تعالى لا يتوجه له القبول الشرعي إلا إذا اقترن باتباعه - صلى الله عليه وسلم -، وقد جاء هذا الأصل مبينًا في الإرشاد إلى الطريق الموصل لنيل محبة الله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[آل عمران: ٣١].
وحقيقة هذا الاتباع الذي أنيط به تحقيق المقصد الأسمي من رضا الله ومغفرة الذنوب قد بين في الآية التالية:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}[آل عمران: ٣٢].
فطاعته - صلى الله عليه وسلم - بما جاء به هي اتباعه المأمور به، يقول الشيخ السعدى:"فمن فعل ذلك - أي اتباعه عليه الصلاة والسلام - أحبه الله وجازاه جزاء المحبين وغفر له ذنوبه وستر عليه عيوبه، فكأنه قيل: ومع ذلك فما حقيقة أتباع الرسول وصفتها؟ فأجاب بقوله:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} بامتثال الأمر، واجتناب النهى، وتصديق الخبر"(١).
والأدلة في هذا كثيرة، قال تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء: ٦٥].
يقول الإمام ابن كثير - رحمه الله - في بيان دلالة هذه الآية على وجوب طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - "يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول