للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(المبحث الرابع): دلائل النبوة]

تبين مما سبق أن من أعظم أهداف الرسالة السعى إلى تحقيق الغاية من خلق الثقلين، ألا وهى عبادة الله وحده لا شريك له، فإنه لا يمكن أن يعرف طريقها المرضى إلا عن طريق ما جاءت به الأنبياء والرسل - عليهم الصلاة والسلام -، الذين قاموا بأداء الرسالة إلى البشرية، فحملوا على عاتقهم مهمة التبليغ بالنذارة والبشارة إلى الصراط المستقيم.

ومع وضوح هذه الحقيقة الربانية المتمثلة باصطفاء الرسل والتى قد اختارها المولى تعالى طريقًا لهداية العباد والتى تتجلى في الكثير مما يرتبط بها ارتباطًا وثيقًا كتحقيق الأهداف ووضوح المبادئ وثبات النتائج، إلا أن حكمة المولى عز وجل اقتضت أن يؤيد رسله بالبينات والأدلة والبراهين التي لا يملك من أوتى سلامة الأدوات إلا الإقرار برسالة من هيئت له تصديقًا وتأييدًا.

ولم تكن هذه الآيات بمعزل عن الغاية التي هيئت لها، وإنما كانت تتفق مع حقيقة الرسالة قلبًا وقالبًا، كمعلم من أبرز معالم الهداية إلى الإيمان بالرسالة ومرسلها، ومن هنا تبدو المعجزة كأعظم دلائل النبوة دون أن تكون هي المنفردة بهذه المهمة، وهذا هو المعتمد في عقيدة أهل السنة والجماعة حول أهمية المعجزة ومكانتها من الدلالة على صدق الرسالة.

ومع نشوء الخلاف بين الفرق الإسلامية؛ تعددت الآراء حول هذه القضية وكان المعتمد عند غالب المتكلمين أن المعجزة هي البرهان الأوحد على صدق الرسول، وحجتهم في ذلك أن ما سواها غير متعذر معارضته، والمعتزلة هم أول من تبنى هذا المعتقد ووصفوا المعجز بأنه الدليل الأوحد على صدق النبوة، يعرف القاضي عبد الجبار المعجز بأنه: "الفعل الذي يدل على صدق المدعى للنبوة" (١).


(١) شرح الأصول الخمسة: ٥٦٨.

<<  <   >  >>