للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هنا كانت عناية الطائفة بالذكر، فقد قدموه على جميع الوسائل المقومة للسلوك من الصلاة وغيرها، يقول الشعرانى: "ومن شأنه مكايدة خواطره، ومعالجة أخلاقه، ونفى الغفلة عن قلبه بمداومة الذكر، وأما كثرة تلاوة القرآن والصلاة، فلا يعول المريد الصادق عليه، لأن القرآن إنما هو ورد الكمل، وكذلك الصلاة. وأما المريد فإنما عمله الدائم في تنظيف ظاهره وباطنه عن الصفات التي تمنعه من دخول حضرة الله عز وجل، كالغضب وعزة النفس والكبر والحسد ونحو ذلك" (١)

[رأي الشيخ الصاوي]

يرى الصاوي أن طريق الوصول إلى هذه المقامات يكون بالتزام الطريقة الصوفية على يد شيخ عارف، وعليه فإنه يرى أن هذه المقامات مما ينال بطريق المجاهدة وبذل الأسباب، يقول: "ولما ذكر مقام البقاء ولا يكون صاحبه إلا كامل الإيمان لتخليه عن الأغيار، طلب تحليته بالعطايا" وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وانشر علينا نعمتك المخصوصة بأهل العنايات، وهم الصديقون الذين أخذهم الله لنفسه، على حد قوله تعالى " {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: ٤١] وهذا من التحلية بعد التخلية، لأنه طالب الفتح الأكبر ولا يكون بالمجاهدة، بل بالمواهب الربانية، بخلاف التخلية من الأغيار حتى يكون من أهل البقاء، فبن له سببًا عاديًا وهو المجاهدة على يد شيخ عارف التزم معه الشروط والآداب" (٢)

أولًا: عقبات الترقي:

وفي بيان العقبات التي يجب على المريد تذليلها من أجل الترقى إلى هذه المقامات فإنه يقول في شرحه لإحدى الصلوات: (وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وانزع من قلوبنا حب الشهوات والأغراض) "المبعدة عن الحضرة الإلهية، وهي حجب النفس الظلمانية والنورانية"


(١) الأنوار القدسية، للشعرانى: ١٠١.
(٢) حاشية الصلوات: ٦٨.

<<  <   >  >>