للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[رأي الشيخ الصاوى]

يتبع الصاوى رأى أسلافه في إمكان إثبات دليل الوحدانية بالعقل والنقل، يقول: "واعلم أن الدليل على الوحدانية لله النقل والعقل، أما النقل فآيات كثيرة جدًا منها: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة: ١٦٣]، {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: ٢٥٥]، {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: ٦]

وأما العقل فقد علمنا الله كيفيته بقوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: ٩١] وكهذه الآية يعني: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] ". (١)

وفى تقريره لهذا الدليل، يقول: "لو فرض إلهان، وأرادا معًا إيجاد شيء والآخر إعدامه، فإما أن يتم مرادهما معًا، وهو باطل للزوم اجتماع الضدين، أو لا يتم مرادهما معًا، وهو باطل أيضًا؛ للزوم عجز من لا يتم مراده، وعجز من يتم مراده أيضًا؛ لوجود المماثلة بينهما، فبطل التعدد وثبتت الوحدانية.

وإذا فرض اتفاقهما فهو باطل أيضًا، لوجود التوارد.

وتقريره أيضًا أن يقال: لو فرض إلهان، وأرادا معًا إيجاد شيء فإما أن يحصل بإرادتهما معًا، وذلك باطل؛ لأنه يلزم عليه اجتماع مؤثرين على أثر واحد، أو يسبق أحدهما إلى إيجاده فيلزم عليه عجز الآخر، أو تحصيل الحاصل، ويلزم عجز الأول لوجود المماثلة بينهما". (٢)

ومما استدل به أيضًا لإثبات الوحدانية بدليل التمانع، قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} [الإسراء: ٤٢]


(١) حاشية الجلالين: (٣/ ٦٩).
(٢) المرجع السابق، وانظر (٢/ ٢٩٢) وانظر: حاشية الخريدة البهية: ٦٣.

<<  <   >  >>