للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الجنة والنار]

أراد الله بحكمته وتمام عدله أن يجزى كل إنسان بما قدم من عمل؛ إن خيرًا فخيرًا وإن شرًا فشرًا، وحتى تقام الحجة على الخلق؛ فلا يدانى هذه الحقيقة الكونية الشرعية شك وارتياب أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب هداية وإرشادًا تبشيرًا وإنذارًا، وكانت جميع الرسالات تأتى يصدق بعضها بعضًا في الدعوة للتصديق بهذه الحقيقة؛ حتى أنيطت النجاة بالإيمان بها.

والمتأمل في آيات الكتاب الكريم، يجد أن تقرير هذا الأصل العظيم من أصول الإيمان؛ قد عنى بشأنه عناية عظيمة، ولا شك أن في ذلك دلالة واضحة على بروز أهميته من بين مسائل العقيدة، إذ يحقق بدوره مدعاة عظيمة لاتباع الأمر واجتناب النهى، حتى لا يكاد يغيب عن المكلف المتأمل كتاب ربه ذلك المصير الجزائي العظيم.

هذا ولم يقتصر الحديث عنهما على الكتاب فقط، بل تناولت السنة المطهرة الكثير من المسائل المتعلقة بهما، إما من حيث التأصيل أو من حيث البناء، أما ما ورد منها في تأصيل المعتقد، فمثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) (١).

وأما ما ورد من جهة البناء وزيادة البيان فكثير جدًا، فمنها ما يصف نعيم الجنة وما أعد الله تعالى للمتقين من ألوان النعيم المقيم، ومنها ما يبين أسباب دخولها والأعمال الموجبة لها إلى غير ذلك (٢).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأنبياء - باب قوله: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}، رقم الحديث: ٣٤٣٥.
(٢) انظر: كتاب حادى إلارواح للإمام ابن القيم في ذلك.

<<  <   >  >>