يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} على ما تقدم من كلام الصاوي تأويل باطل ترده دلالة النص صراحة، إذ معنى الآية: العلامة الدالة على صدق المستدل له، فالتأويل الصحيح لها أن هذا وعد من المولى تعالى بتحقيق الأدلة التي تقطع بصدق ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -.
يقول الإمام ابن كثير - رحمه الله - في معنى الآية:"أي سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقًا منزلًا من عند الله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدلائل خارجية: من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان، قال مجاهد والحسن والسدي: ودلائل في أنفسهم قالوا: وقعة بدر وفتح مكة ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهم، نصر الله فيها محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وصحبه، وخذل فيها الباطل وحزبه.
ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة، كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى، وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة من حسن وقبح، وغير ذلك" (١).
- بقى هنا معرفة وجه استدلال الصاوي بكلام ابن الوفا على وحدة الوجود، أو ما الدافع الذي حمل الصاوي على نقل استدلال ابن الوفا لتقرير وحدة الوجود؟ ، مع اختلاف وجهات النظر اختلافًا جذريًا في المراد بهذه الوحدة، إذ المطالع لأقوال ابن الوفا لا يتردد في الحكم عليه أنه من الاتحادية الغلاة. ثم إن هذا الاستفسار ينسحب أيضًا على استشهاده ببيت ابن الفارض، الحق أن هذا دفاع عن الصوفية الغلاة وتأويل لكلامهم بما يخالفه، وهذا مما لا يسلم له أبدًا.
ثانيًا: حقيقة وحدة الشهود:
- ودون إغفال لحقيقة الشهود عند الصوفية وما جر إليه الاستغراق به من