للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي التي أدت بهم إلى ما ذهبوا إليه في القدر؛ "خلافًا للمعتزلة؛ القائلين بالتلازم بين الرضا والإرادة، وبنوا على ذلك أمور فاسدة.

وحكى أن رجلًا من المعتزلة تناظر مع رجل من أهل السنة، فقال المعتزلى: سبحان من تنزه عن الفحشاء، فقال السنى: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء.

فقال المعتزلى: أيريد ربك أن يعصى؟

فقال السنى: أيعصى ربنا قهرًا؟ .

فقال المعتزلى: أرأيت إن منعنى الهدى، أأحسن إلىَّ، أم أساء؟

فقال: إن منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو له فالمالك يفعل في ملكه كيف يشاء، فبهت المعتزلى". (١)

* * *

[المناقشة]

إن تعليل أفعال الله تعالى بالغايات المطلوبة، والحكم الحميدة، أمر يقتضيه إثبات "كمال الرب تعالى، وجلاله، وحكمته، وعدله، ورحمته، وقدرته وإحسانه، وحمده، ومجده، وحقائق أسمائه الحسنى". (٢)

لذا كان هذا هو اعتقاد أكثر الناس من المسلمين، وغير المسلمين، وقول طوائف من أصحاب أبى حنيفة، ومالك، وأحمد وغيرهم، وقول أكثر أهل الحديث، والتصوف، وأهل التفسير" (٣)

أما عن الشبهة التي ذكرها الأشاعرة في منع التعليل: بأن من يفعل لغاية مقصودة فقد استكمل بغيره، والمستكمل بغيره ناقص، وهذا محال في حق الباري


(١) المرجع السابق: (٣/ ٣٤٤).
(٢) شفاء العليل، لابن القيم: ٣٤٣.
(٣) مجموع الفتاوى: (٨/ ٨٩).

<<  <   >  >>