للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا:

في الرد على من اعترض بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قال إنه يجاب عن ذلك بعدة أجوبة:

- "أنه محمول على المستحل لذلك.

- أن هذا جزاؤه إن جوزى، أي إن عامله الله بعدله جازاه بذلك، وإن عامله بفضله فجائز أن لا يدخله النار".

هنا يورد ما قد يضعف الاحتجاج به، فيقول: "ولكن في هذا الجواب شيئًا؛ لأن فيه تسليمًا أنه إذا جوزى يخلد في النار، وهو غير سديد للقواطع الدالة على أنه لا يخلد في النار إلا من مات على الكفر.

- أنه يحمل الخلود على طول المكث". (١)

سادسًا: موقفه من مخالفيه (دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله):

مما سبق تبين كيف أن الصاوي رد كلام الخوارج والمعتزلة في تكفير مرتكب الكبيرة، وقارعهم في سبيل ذلك بالحجة والبرهان، ولكنه في المقابل لم يكن على استبصار بحقيقة ما حملهم على التكفير، فكل ما قام به في تحليل موقفهم والداعى لما ذهبوا إليه هو تفسيرهم الإيمان بالعمل والطاعة.

أقول: إن هذا التصور الخاطئ لحقيقة مذهب الخوارج، حمله على تعميم الحكم في كل من جعل العمل داخلًا في حقيقة الإيمان، وكفر لأجل ذلك من أخل بأصول الإيمان منه، إما بترك الإتيان به كتارك الصلاة بالكلية مثلًا، أو بالتوجه به لغير الله تعالى على جهة الإشراك في توحيد الإرادة والقصد، كما سبق وأن أشرت إلى هذه القضية في مبحث نواقض التوحيد.

ولما كانت الحركة الإصلاحية بقيادة الإمام محمد بن عبد الوهاب هي من تتزعم هذه القضايا - في ذلك الوقت (٢) - مستضيئة بهدى الكتاب والسنة، وقد انتشر صيتها


(١) المرجع السابق: (١/ ٢٢٤).
(٢) انظر مبحث: الحالة السياسية في عصر الصاوي: ١٤.

<<  <   >  >>