بين البلاد، وذاع خبرها في الدعوة إلى ما كان عليه سلف الأمة من تعظيم جانب العمل والإخلاص في التوجه به لله تعالى، بعيدًا كل البعد عن معتقد الخوارج الذي حدى بهم إلى تكفير مرتكب الكبيرة، كثر مناوؤها من مختلف البقاع الإسلامية وقاموا بتشويه معالمها، وتحريف بعض ما أتت به من خالص الحق والبيان، فاستجاب لهم الكثير إما تعصبًا وحمية؛ لما كان عليه آباؤهم وكبار علمائهم من تعظيم القبور والتوجه لساكنيها بالدعاء والاستغاثة إلى غير ذلك.
وإما جهلًا بحقيقة الدعوة والأسس التي تقوم عليها، كل هذا كان له أسوء الأثر في تحديد موقف الصاوي من هذه الدعوة المباركة، التي كانت قد اشتهرت بالوهابية، نسبة إلى مؤسسها الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، وفيما يلى نص يصرح فيه بذلك، يقول في تفسير الآية الكريمة:{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[فاطر: ٨].
وقيل: هذه الآية نزلت في الخوارج الذين يحرفون تأويل الكتاب والسنة ويستحلون بذلك دماء المسلمين وأموالهم، كما هو مشاهد الآن في نظائرهم، وهم فرقة بأرض الحجاز يقال لهم: الوهابية، ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون - نسأل الله الكريم أن يقطع دابرهم -". (١)
المناقشة:
الخلاف مع الأشاعرة في حقيقة الإيمان مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالخلاف معهم في حقيقة الكفر، فلا يمكن بحال الفصل بينهما في تقرير منهج السلف الكرام في هذه القضية.
(١) المرجع السابق: (٣/ ٢٨٨). هذا وإنى لأعجب من بعض طلبة العلم من حملة الشهادات العالية كيف يتأتى لهم نقل مثل هذه النصوص على جهة القبول والرضا لما جاء فيها، دون أدنى تبصر وطلب للحقيقة، مع تيسر هذا في العصر الذي نعيشه! .