للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(المبحث الثاني): الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى]

ينبنى الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره في مذهب السلف الصالح على أسس، لا يصح الإيمان إلا بها:

أولًا: التسليم المقتضى للرضا بكل ما قدره الله تعالى، وذلك من حيث المؤثر في وجوده من صفاته تعالى، لا من حيث متعلقه من أفعال العباد وغيرها، مما لا يصح الرضا به لعدم تحقق الإرادة الشرعية له من عند الله تعالى.

ثانيًا: اعتقاد أن الله تعالى حكيم في فعله وخلقه وأمره، إذ كل ما يقضيه سبحانه ويقدره فهو دائر بين العدل والفضل، صادر عن إرادته الحكمة البالغة في كل ما يكون منه تعالى، كما في الآية الكريمة: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: ٢٦].

ومما يدل على أن كل ما هو منه تعالى فلحكمة يراها سبحانه، قوله تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: ١٤٩] إذ الخير منه تعالى وإليه، والشر ليس إليه، فقد ثبت في الحديث الشريف أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دعائه: (لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك) (١).

أما كون أفعاله تعالى دائرة بين العدل والفضل؛ فهذا مما تواترت الأدلة على إثباته، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس: ٤٤]. وحتى يرتبط مفهوم الإيمان بالقدر، وأن كل شيء متعلق بقدرته تعالى مع مفهوم الحكمة والعدل؛ توجه المعنى المراد بالظلم المنفى عن الله تعالى؛


(١) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعائه بالليل: (٦/ ٥٩).

<<  <   >  >>