للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هنا مصدرية فيصير المعنى: والله خلقكم وعملكم، أو موصولة فيكون المعنى: والله خلقكم والذي تعملونه من أصنام، وكلا المعنيين بينهما تلازم، إذ يلزم من كونه تعالى خالقًا للصنعة؛ أن يكون خالقًا للفعل الذي أنتجها، وكذلك إذا كان خالقًا للعمل؛ أن يكون ما ينتج عنه مخلوقًا له (١).

ومن السنة أقوال المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، والتى تدل على إرجاع الأمر لله وحداه، وأن كل خير منه، وأنه لا حول ولا قوة إلا به، قال - عليه الصلاة والسلام - لأبي موسى الأشعري: (يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة: لا حول ولا قوة إلا بالله) (٢)؛ فلا تحول للعبد من حال إلى حال إلا بحول الله وقوته.

وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول عند حفر الخندق: (لولا أنت ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا، فأنزلن السكينة علينا، وثبت الأقدام إن لاقينا، إن الأولى قد بغوا علينا، إذا أرادوا فتنة أبينا) (٣)؛ فنسب التوفيق لفعل الخير إلى الله، فلولا توفيقه، وتقديره الخير لنا لما اهتدينا، ولا تصدقنا، ولا صلينا.

وثبت أيضًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: (إن الله يصنع كل صانع، وصنعته). وقال الإمام البخاري في خلق أفعال العباد: "فأخبر أن الصناعات وأهلها مخلوقة" (٤).

وقد أفردت الحديث عنها لعظيم ما تعلق بها من مسائل الشرع والتوحيد.

* * *


(١) انظر: تفسير ابن كثير: (٤/ ١٩).
(٢) أخرجه البخاري في: كتاب القدر - باب لا حول ولا قوة إلا بالله، رقم الحديث: ٦٦١٠.
(٣) أخرجه البخاري في: كتاب الجهاد - باب حفر الخندق، رقم الحديث: ٢٨٣٧.
(٤) خلق أفعال العباد: ٢٥.

<<  <   >  >>