للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ}، ولا داعى لما ذهب إليه من إخراج الإرادة هنا عن حقيقتها، ويكون الصواب فيها أن تبقى على ظاهرها، ويراد بها الإرادة الشرعية المقدرة وقوعًا في المؤمن دون الكافر (١).

وهذا ما يلزمه أيضًا في الأمر، فالذى يكون بينه وبين الرضا تلازم؛ هو الأمر الشرعي لا الكونى القدرى، فقد قسم العلماء الأمر على ضوء الآيات التي ورد فيها؛ إلى أمر شرعى: وهو المحبوب المراد لله تعالى شرعًا، إلى أمر قدرى: وهو ما نفذ منه دون اشتراط الرضا فيه.

والقدرى في مثل قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢]. وقوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: ١٦].

أما الشرعي ففى مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: ٩٠]. وهذا ما يرد أيضًا في القضاء, "فإن القضاء يكون كونيًا وشرعيًا، وكذلك الإرادة، والأمر، والإذن، والكتاب، والحكم، والتحريم، والكلمات ونحو ذلك" (٢) بدليل الكتاب والسنة.

رابعًا: مرتبة الخلق؛ وهي الاعتقاد الجازم بأنه ما من موجود بعد الواحد الأحد، إلا وهو خلق من خلق الله تعالى، ويدخل في ذلك أفعال العباد، فهى مخلوقة له سبحانه وتعالى (٣).

قال تعالى: {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: ١٦].

وقال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦]

ووجه الاستدلال بهذه الآية هو التقسيم الوارد في معنى (ما): فإما أن تكون ما


(١) المرجع السابق: (٨/ ٣٤١)، والتسعينية لشيخ الإسلام أيضًا: (٢/ ٦٣٢).
(٢) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفى: ٤٤٧.
(٣) سيأتي الحديث عنها مفصلًا في مبحث مستقل.

<<  <   >  >>