معقودًا فيما أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلسنا بحاجة لهذه العلوم الدخيلة التي تحمل من الضرر ما يربوا على المصلحة منها.
ومن جهة أخرى فما حقيقة هذا العلم الذي إذا أخذ قبل التعمق في الدين كان مؤداه إلى الزندقة؟ إن هذا إقرار من الصاوي على خطورة هذا العلم الذي قد يصل بصاحبه إلى مدارج الكفر، ولعل في هذا ما يجزم ببطلان دعوى استمداده من الكتاب والسنة، كيف والمولى تعالى يقول:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ}[النحل: ٩٠].
فليس في القرآن الكريم والسنة المطهرة ما يفضي بأي وجه إلى ما يخالف شرائعه المطهرة، قال تعالى:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} , يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "فهو سبحانه على صراط مستقيم في قوله وفعله، فهو يقول الحق ويأمر بالعدل:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} "(١).
وعليه فإن في هذه المقولة من التناقض ما لا يخفى، وكفى بها بيان للاضطراب الذي وقع فيه فقهاء الصوفية.
* * *
ثانيًا: صفات الشيخ:
هذا وقد أكد الصاوي على وجوب اختيار الشيخ الكامل، وعمدته في استحقاق وصف الكمال اتباعه لمنهج الكتاب والسنة، واقتفاؤه أثر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا شك أن هذا أصل عظيم في صحة التلقي والتربية الصحيحة، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالاقتداء به، وحذر أيما تحذير من مخالفة أمره، فعن العرباض بن سارية قال: "وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا بعد صلاة الغداة؛ موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا