للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل ما قيد به التعريف زيادة على ما ذكر، كاشتراط البلوغ، فمحل اختلاف، يقول: "واختلف في البلوغ، فقيل بعدم اشتراطه؛ ودليل ذلك آية عيسى ويحيى، وقيل باشتراطه، ويؤول ما ورد في حق عيسى ويحيى؛ بأنه إخبار بما سيحصل لتحقيق الوقوع كـ {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} " (١)

ويظهر من خلال أقواله المتعددة في أحوال الرسل والأنبياء أن ثمة فرقًا آخر يراه بين الرسول والنبى، قد يمثل نوع امتداد لما ذكره من حصر مهمة التبليغ في الرسل دون الأنبياء، أو كنتيجة لهذا التعريف، يقول في دحض شبه من احتج بمخالفة الخضر والأسباط - عليهم السلام - للظاهر المعمول به: "أجيب بأنهم لو كانوا أنبياء إلا أنهم ليسوا برسل مشرعين، فللنبى أن يفعل بمقتضى الحقيقة وباطن الأمر، كما في خرق السفينة وقتل الغلام الواقع من الخضر - عليه السلام -، فهو بحسب الظاهر حرام، وبحسب الباطن مصلحة" (٢)

ومما تقدم يتبين أن حقيقة النبوة كما يؤكد على ذلك الصاوي اجتباء واصطفاء، لا تنال بالاكتساب، يقول: "النبوة ليست مكتسبة لأحد" (٣) ويستدل ذلك بقوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤]. ويرى أن القول باكتسابها مردود وذلك "بطرد إبليس مع كونه أكثر الخلق عبادة" (٤)

* * *

[تعليق]

إن ما ذكره الصاوي بصيغة الترجيح على أن الرسول هو من أوحى إليه بشرع جديد وأمر بتبليغه، وأن النبي من لم يؤمر بتبليغه، فدلالة النصوص صريحة في رده، وذلك أن منها ما يدل صراحة على أن الأنبياء كانت لهم مشاركة واسعة في


(١) المرجع السابق.
(٢) حاشية الخريدة: ٩٨.
(٣) حاشية الجلالين: (٣/ ٢١٤).
(٤) حاشية الجوهرة: ٤٥. وانظر: حاشية الجلالين: (١/ ١٤٠).

<<  <   >  >>