للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعلم أحدًا بلغ هذا المبلغ في جميع الكفريات الماضية، وإحداث ما هو شر منها. . إلى أن قال - رحمه الله -: اللهم العنهم لعنًا كثيرًا واقطع دابرهم وامح أثرهم، اللهم أمتنا على هذا واحشرنا عليه، واكتبنا من الشاهدين عليهم آمين" (١).

* * *

ومع وضوح بطلان هذا المعتقد، ومناقضته لحقيقة الدين المرتضى جملة وتفصيلًا، ومع وضوح سذاجة الفكر الذي لم يقنع بمخالفة مثل هذه الأوهام لصريح المعقول والمنقول، إلا أنه يحسن بيان الخلط الذي وقع فيه أمثال هؤلاء، يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله -: وقد لحظ ملاحدة الاتحادية أمرًا اشتبه عليهم:

من وحدة الموجد بوحدة الوجود.

وتوحيد الذات والصفات والأفعال بتوحيد الوجود.

وفيضان جوده بفيضان وجوده.

فوحدوا الوجود وزعموا أنه المعبود".

ولا شك أن إيجاده تعالى هو الذي فاض على الموجودات فوجدت وهو الذي اكتسته، أما وجوده: فمختص به لا يشاركه فيه غيره، كما هو مختص بماهيته وصفاته، فهو بائن عن خلقه والخلق بائنون عنه، فوجود ما سواه مخلوق كائن بعد أن لم يكن، حاصل بإيجاده له، فهو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" (٢).

* * *

[موقف الصاوي]

وبناء على ما تقدم من بيان حقيقة ذلك الاعتقاد الضال، وما ينبني عليه من أحكام، فإنه يستحيل إثبات وحدة الوجود دون اعتقاد للحلول والاتحاد، وذلك لأن وحدة الوجود بمعناها الكفري المعروف تتفق تمام الاتفاق مع الحلول والاتحاد من


(١) الصوارم الحداد القاطعة لأرباب الاتحاد: ٧٥.
(٢) مدارج السالكين: (٣/ ٣٨٢).

<<  <   >  >>