للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به دون غيره، ومن جهة أخرى فالكرامة مما جاء الشرع بوجوب التصديق به، فإذا ثبتت لأحد فلا يجوز أن يقدح في ولايته.

يقول القشيرى في بيان ذلك: "ولأن من شرط صحة المعرفة بالنبوة الوقوف على حد المعجزة، ويدخل في جملته العلم بحقيقة الكرامات، فإذا رأى الكرامات ظاهرة عليه لا يمكنه أن ألّا يميز بينها وبين غيرها، فإذا رأى شيئًا من ذلك علم أنه في الحال على الحق" (١).

ويقول: "وظهور الكرامات علامة صدق من ظهرت عليه في أحواله، فمن لم يكن صادقًا فظهور مثلها عليه لا يجوز" (٢).

ويعد التصرف في الكون ومعرفة الغيوب من أهم الكرامات، يعرف الزركشي الولى في ضوء مفهوم الكرامة عند الصوفية، فيقول: "وسمى الولى وليًا لأنه تولى الله بطاعته، وقيل لأن الله تولاه بلطفه، فهو فعيل، إما بمعنى فاعل أو مفعول، وحينئذ يصير مجاب الدعاء مكاشفًا بغيب الأرض والسماء، مخاطبًا بسائر الأسماع فلا يدع إلا إياه إليه، ولا يستدل بغيره عليه" (٣).

وهذا أصل اعتقادهم في الأقطاب فـ "القطب هو أعظم صوفية الزمان، والحاكم على أولياء الله، ومتى أراد فيجتمع حوله كل أولياء الله بطى الأرض من أطراف الدنيا، وأكنافها في طرفة عين، ويأتى عدد من الأولياء بعد القطب، يعدون من أهل الحل والعقد، وهم القادة في ساحة الله جل جلاله" (٤).

[رأي الشيخ الصاوي]

يعرف الصاوي الكرامة، فيقول: "الكرامة هي: أمر خارق للعادة، غير مقرون


(١) الرسالة القشيرية: ٢٦١.
(٢) المرجع السابق: ٣٥٣.
(٣) تشنيف المسامع، بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي، للشيخ بدر الدين الزركشي: (٤/ ٩٣٢) انظر: الطبقات الكبرى للشعراني في ترجمة على البرلسي: ٦٠٨.
(٤) تاريخ التصوف، قاسم غنى: ٣٣٧.

<<  <   >  >>