للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متصلة بجسم صاحبها، وما وصل للروح من النعيم يحصل للجسم أيضًا، وذلك نظير النائم، فإن النائم يرى أن روحه في المشرق أو في المغرب مع كونها متصلة بجسمه، وكالأولياء الذين أعطاهم الله التصريف، فالواحد منهم يكون جالسًا في مكان، وروحه تسرح في أمكنة متعددة، وربك على كل شيء قدير" (١).

ولهذا التصريف الذي يعتقده الصاوي لأهل المراتب العالية في الولاية، فإنه يرى مشروعية الاستغاثة بهم، يقول: "وتطلق الأنجاب في عرف الصوفية على طائفة فوق الأبدال، ويقال لهم النجباء.

فأول المراتب الأولياء، ثم الأبدال، ثم النجباء، ثم النقباء، ثم العرفاء، ثم الأقطاب، ثم الغوث، فيستغاث بهم في النوازل على هذا الترتيب: (٢).

* * *

[المناقشة]

أولًا: حقيقة الكرامة:

إن مفهوم الكرامة عند أهل السنة والجماعة؛ يعد في الحقيقة نوع امتداد لمفهوم الولاية عندهم، وكذلك الحال عند الصوفية، فلما كانت حقيقة الولاية في ضوء ما ورد من نصوص الكتاب والسنة؛ تعنى تولى مراضى الرب تعالى بالاستقامة على شرعه ومتابعة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، الموجبة لمولاة الرب تعالى بأنواع المنن، وأعظمها دخول الجنة، والأمن من عذاب النار، كانت حقيقة الكرامة أيضًا هي ثمرة التزام الاستقامة من خوارق العادات، والعلم النافع وطاعة الباري تعالى.

وكما أن مفهوم الولاية عند الصوفية يقوم على اعتقاد خرق العادات والتصوف في الكون وعلم المغيبات، فكذلك الكرامة عندهم، إنها هي بعينها مقومات الولاية في الفكر الصوفى، فليست تخرج عن هذه الأمور، التي هي مطمح القوم، ومحط آمالهم في الولاية، ولو مع مخالفة ظاهرة لأوامر الشرع.


(١) حاشية الجلالين: (١/ ١٧٩).
(٢) حاشية الصلوات: ٦٤.

<<  <   >  >>