للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله - معرفًا الكرامة بما لا يمكن أن تتأتى إلا به: "إن الكرامة لزوم الاستقامة، وإن الله لم يكرم عبده بكرامة أعظم من موافقته فيما يحبه ويرضاه، وهو طاعته وطاعة رسوله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه، وهؤلاء هم أولياء الله: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} " (١).

حجية الكرامة:

لقد ثبت في الأدلة الشرعية ومن حياة أصدق الأولياء من الصحابة والتابعين - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين -: إجراء أحكام خارجة عن مقتضى العادة على يد بعض عباد الله الصالحين، يتأتى بها تحقيق مطلب دينى أو دنيوى لهم، تكون من الله تعالى إكرامًا للعبد، وتبشيرًا له؛ لثبوته على مقومات الولاية.

فالكرامة من حيث هي أمر خارق للعادة، يستند في تحققه إلى محض تصرف الباري تعالى، قد ثبت وقوعها على وجوه كثيرة، جماعها كما بين شيخ الإسلام: القدرة والعلم والغنى، يقول شيخ الإسلام: "المعجزة للنبي والكرامة للولى وجماعها الأمر الخارق للعادة، فنقول: صفات الكمال ترجع إلى ثلاث: العلم والقدرة والغنى، وإن شئت أن تقول: العلم والقدرة إما على الفعل وهو التأثير، وإما على الترك وهو الغنى. والأول أجود.

وهذه الثلاثة لا تصلح على وجه الكمال إلا لله وحده، فإنه الذي أحاط بكل شيء علمًا، وهو على كل شيء قدير وهو غني عن العالمين" (٢).

ومن الأمثله الدالة على ذلك: ما وقع لعمر - رضي الله عنه - من انكشاف الغيب؛ فطابق الوحي قبل نزوله على قلب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن أنس قال: قال عمر - رضي الله عنهما -: (وافقت ربي في ثلاث: فقلت يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}.


(١) مجموع الفتاوى: (١٠/ ٢٩).
(٢) مجموع الفتاوى: (١١/ ٣١٢).

<<  <   >  >>