للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه المسألة على غير المسلك العقلى الذي أوضحناه، إذ ما سواه لا يخرج عن الظواهر السمعية، والاستبصارات العقلية، وهى مما يتقاصر عن إفادة القطع واليقين، فلا يذكر إلا على سبيل التقريب، واستدراج قانع بها إلى الاعتقاد الحقيقى". (١)

ومن هنا فقد وقف الصاوى من ظواهر نصوص الكتاب والسنة موقفًا متعسفًا للغاية، حيث رمى من أخذ بظاهرهما بالكفر؛ وكان هذا نتيجة لما تقرر عنده من إمكان وجود المعارض العقلى الذي يقضى بتقديمه على النقل في مسائل المعرفة والتوحيد، وأن في عدم تأويل الدليل بما يدفع ذلك المعارض العقلى ما يؤدى إلى اعتقاد مماثلة الرب تعالى للحوادث.

يقول في عد أصول الكفر: "والتمسك في عقائد الإيمان بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير عرضها على البراهين العقلية، والقواطع الشرعية، فالتمسك بظاهر الكتاب والسنة أصل ضلال الحشوية، فقالوا بالتشبيه والتجسيم والجهة، عملًا بظاهر: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥]، {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: ١٦] (٢).

* * *

[المناقشة]

وحتى يتم بيان أصل الضلال الذي حمل الصاوى وسابقيه من المتكلمين على عد الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من الكفر لا بد من الكشف عن أمرين:

الأول: حكم الأخذ بظواهر الكتاب والسنة.

الثاني: متى يصار إلى التأويل.

أما عن حكم الأخذ بالظاهر فإنه مما تقرر عند علماء الأصول وجوب الأخذ به،


(١) غاية المرام في علم الكلام، الآمدي: ١٧٤.
(٢) حاشية الجوهرة: ٢٥٢. وانظر: حاشية الجلالين: (١/ ١٣١).

<<  <   >  >>