للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه لا يسمى بذلك إلا لكون ظاهره مما يتبادر إلى الذهن في الدلالة على المعنى المراد حتى ظهر معناه للمخاطب، ولا يصار إلى ما يمكن أن يحتمله الدليل من المعنى المرجوح إلا لقرينة.

يقول الإمام الشنقيطى (١) - رحمه الله -: "اعملوا أن المقرر في الأصول أن الكلام إن دل على معنى لا يحتمل غيره فهو المسمى نصًا، كقوله مثلًا: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: ١٩٦].

فإذا كان يحتمل معنيين أو أكثر فلا يخلو من حالتين: إما أن يكون أظهر في أحد الاحتمالين من الآخر، وإما أن يتساوى بينهما.

فإن كان الاحتمال يتساوى بينهما فهذا الذي يسمى في الاصطلاح المجمل، وحكم المجمل أن يتوقف عنه إلا بدليل على التفصيل.

أما إذا كان نصًا صريحًا فالنص يعمل به، ولا يعدل عنه إلا بثبوت النسخ.

فإذا كان أظهر في أحد الاحتمالين فهو المسمى بالظاهر، ومقابله يسمى محتملًا مرجوحًا، والظاهر يجب الحمل عليه إلا لدليل صارف عنه." (٢)

إذًا فالأصل في حكم الأخذ بالظاهر هو الوجوب، فأين منه هذه المقولة الظالمة التي جعلت الأصل في الأخذ به المنع الذي يقتضى الخروج من الدين بالكلية؟ لا شك أن هذا إجحاف وضلال يطعن في أصل الإيمان بالأدلة الشرعية كتابًا وسنة.

ومن العجب أن الصاوى عند بيان الآداب التي يجب التمسك بها في الأخذ عن الشيخ؛ أوجب على التلميذ أن يحمل كلام الشيخ على ظاهره، ولا يعمد إلى


(١) هو الإمام الفقيه المفسر الأصولى محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر بن محمد بن أحمد نوح المختار الجكنى الشنقيطى، من علماء موريتانيا، ولد رحمه الله سنة: ٣٢٥ هـ في شنقيط، انتقل إلى الحجاز ودرس في المسجد النبوى وفى الجامعة الإسلامية حتى وفاته تخرج على يديه الكثير من خيرة العلماء، واذكر منهم: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ عطية محمد سالم، اعتنى بالتأليف والتصنيف ومن أشهر مؤلفاته: أضواء البيان في تفسير القرآن، وآيات الأسماء والصفات. توفى سنة: ٣٩٣ هـ. انظر: ترجمته كتاب خصص في ذلك للشيخ عبد الرحمن السديس، والأعلام: (٦/ ٤٥).
(٢) الأسماء والصفات: ٤١.

<<  <   >  >>