مما يقوم عليه معتقد أهل السنة والجماعة في جانب الولاية، الإيمان بإمكان وقوع الكرامة في حق الأولياء، وأنها من فضل الله الذي يؤتيه من يشاء من أهل تقواه والاستقامة على دينه القويم.
والكرامة في اللغة مشتقة من الإكرام، و"الكرام بالضم مثل الكريم فإذا أفرط في الكرم قلت كرام بالتشديد، والتكريم والإكرام بمعنى والاسم منه: الكرامة"(١).
أما في الاصطلاح، فالكرامة لها معنيان، معنى عام، وآخر خاص، أما العام فتكون اسمًا جامعًا لكل ما يكرم الله به عبده من النعم الظاهرة والباطنة، كالعلم والطاعة والرزق.
وأما في معناها الخاص؛ فهى الأمر الخارق العادة الإنس والجن، يقع على يد ظاهر الصلاح ملتزم لمتابعة نبيه.
فكان أهل السنة بهذا الاعتقاد وسطًا بين الغلو والتفريط، فقد جفت المعتزلة في هذا الباب، فأنكروا الكرامة، وكان مستندهم في ذلك مسلماتهم العقلية، إذ الخوف من اختلاط الكرامة بالمعجزة حجتهم في المنع؛ حتى لا يحصل اللبس بين الولي والنبي.
ولا شك أن في هذا مخالفة لصريح المنقول من الشرع المطهر، فقد دلت آيات الكتاب وأحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - على إثبات الكرامة في حق من استقام حاله ظاهرًا وباطنًا.
وفي مقابل هذا الاتجاه الجافي؛ يأتي مذهب أهل الغلو والإفراط وهم الصوفية، فقد غلو في إثبات الكرامة إلى حد بعيد، فحادوا بذلك عن الطريق المستقيم، حيث