للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(المبحث الرابع): حقائق يوم القيامة]

حين يأذن الله تعالى لتلك الأرواح أن تعود لأجسادها بعد انقضاء فترة البرزخ، تتحقق أهوال يوم القيامة، وتبدل الأرض غير الأرض، وينفخ في الصور، فتجمع الأشتات، ويخلق الله منها البشر تارة أخرى، فيجتمعون لفصل القضاء، وتكون تلك بداية النهاية، حيث توزن الأعمال، وتحل الشفاعة، ويرضى الرب على من شاء من عباده، ويسخط على من استحق السخط منهم، ثم يساق المؤمنون إلى منازلهم في الجنان، حيث الدرجات العلى والنعيم المقيم، ويكب الكافرون على وجوههم في جهنم، ويطهر عصاة المؤمنين بالنار، ممن لم تحملهم أعمالهم على سلوك الصراط دونما انكباب، وكانت لهذه الأحداث الجسام المتتالية أدلة كثيرة عظيمة من الكتاب والسنة:

قال تعالى: {وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: ٤٧].

يقول الشيخ السعدى في تفسير هذه: "يحشر الله جميع الخلق على تلك الأرض فلا يغادر منهم أحدًا بل يجمع الأولين والآخرين من بطون الفلوات، وفغور البحار ويجمعهم بعدما تفرقوا ويعيدهم بعدما تمزقوا خلقًا جديدًا.

فيعرضون عليه صفًا ليستعرضهم، وينظر في أعمالهم ويحكم فيهم بحكمه العدل الذي لا جور فيه ولا ظلم، ويقول لهم: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: ٩٤].

أي بلا مال ولا أهل ولا عشيرة، ما معهم إلا الأعمال والمكاسب في الخير والشر التي كسبوها" (١)


(١) تيسير الكريم الرحمن: ٥١٠.

<<  <   >  >>