للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(المبحث الثاني) عالم الجن والشياطين]

الإيمان بالجن:

ولم يكن عالم الملائكة هو العالم الغيبي الوحيد من ذوات الأرواح؛ فقد ورد أيضًا حديث آخر عن عالم الجن والشياطين، يفترق في الكثير من خصائصه عن عالم الملائكة، وإن كان يجتمع معه من حيث الخفاء والغيبية، كما يقرب كثيرًا من عالمنا، وذلك من حيث التكليف والمخاطبة بالأمر والنهي. وحتى يتم التمييز بينهما؛ فلا بد من إلقاء الضوء على أهم ما يصح به إدراك الفرق بين هذين العالمين.

- وعند التعريف بهم فإنه يقال: الجن اسم جنس جمعى، مفرده جنى، وهو مأخوذ من الاجتنان، وهو التستر والاستخفاء عن الأبصار، وسبب تسميتهم بذلك؛ اجتنانهم عن الناس فلا يرون، ومنه سمي الجنين جنينًا لاستتاره في بطن أمه، قال تعالى: {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النجم: ٣٢].

- وقد عرفهم ابن حزم بأنهم: "أجسام رقاق صافية هوائية، لا ألوان لهم، وعنصرهم النار كما أن عنصرنا التراب، قال تعالى: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} [الحجر: ٢٧].

والنار والهواء عنصران لا ألوان لهما، ولو كانت لهم ألوان لرأيناهم بحاسة البصر، ولو لم يكونوا أجسامًا صافية رقاقًا هوائية؛ لأدركناهم بحاسة اللمس" (١)

هذا وحقيقة الجن في ضوء النصوص الشرعية، يمكن إجمالها بأنهم خلق من خلق الله تبارك وتعالى، خلقوا من نار، قد حجبوا عن الأعين فلا يرون إلا في النادر، لا يدرك كنههم إلا خالقهم، عقلاء مكلفون، لهم أهواء وشهوات، منهم


(١) الفصل: (٥/ ١٣).

<<  <   >  >>