للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمن ومنهم الكافر، قال تعالى في بيان خلقهم: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن: ١٥].

وفي تفسير مادة خلقهم بالسموم قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: إنها الريح الحارة التي تقتل، وقال أيضًا: إنها نارًا لا دخان لها. (١)

وقال الإمام الطبري في تفسير المارج: "أنه ما اختلط بعضه ببعض، بين أحمر وأصفر وأخضر، وهو كلهب النار ولسانه". (٢)

ومما يدل على كونهم مكلفين؛ ما ورد بشأن الجزاء المعد لمطيعهم وعاصيهم، قال تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: ١٣٠].

وقال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: ١٧٩].

أما الآيات في دخول عموم النعيم المعد للطائعين فكثيرة، منها ما ورد في سورة الرحمن، حيث عم الخطاب سائر الثقلين، ومنها قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأنعام: ١٣٢].

أما عن أهمية الإيمان بهم، فقد تحدث القرآن الكريم عن الجن في عدد من المواضع، وكذلك السنة الصحيحة، مما يلزم المومن بالإيمان به، ويدرجه تحت الغيب الذي امتدح الله تعالى المصدقين به.

وقد سميت سورة في القرآن باسمهم، أتى في مطلعها قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن: ١].

وعليه فإن كل من جحد الإقرار بوجودهم، أو تأوله تأويلًا فاسدًا يخرجهم عن الحقيقة الواردة بشأنهم؛ فإنه لا اعتداد بمذهبه ذلك، بل هو مردود عليه؛ لدلالة


(١) القرطبي: (١٠/ ٢٣).
(٢) الطبري: (٢٧/ ١٢٥).

<<  <   >  >>