للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يمشوا على صراط مستقيم، بل صار قبوله ورده هو بحسب القول، لا بحسب ما يستحقه القياس العقلى" (١).

وبهذا فهو يظهر أن أساس ما وقع فيه المتكلمون من الاضطراب والتناقض، حيث اتباع المذهب هو الأساس الذي يحملهم على الاستدلال به في الإثبات أو النفى لا حجة لهم في ذلك، يقول - رحمه الله -: "فإن قيل: هذه الحجة مبناها على قياس الغائب على الشاهد وهو باطل، قيل: قياس الغائب على الشاهد باتفاق الأمم ينقسم إلى حق وباطل فإن لم يتبين أن هذا من الباطل لم يصلح رده بمجرد ذلك" (٢).

والمعلوم أن القياس المعتمد في حق الباري تعالى هو قياس الأولى الذي دل عليه الكتاب العزيز، حيث قال المولى تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل: ٦٠].

* * *

ثانيًا: الاستدلال بالسبر والتقسيم:

السبر في اللغة: التجربة والاختبار، يقال: سبر الشيء سبرًا حزره وخبره، والسبر: استخراج كنه الأمر. (٣)

والتقسيم: حصر الأوصاف الممكنة للمحل. (٤)

فالسبر والتقسيم في الاصطلاح: حصر الأوصاف في الأصل وإبطال ما لا يصلح ليتعين ما بقى، وهو إيراد أوصاف الأصل أي المقيس عليه، وإبطال بعضها ليتعين الباقى للعلية. (٥)

وقد استخدم هذا النوع من الاستدلال العقلى في كثير من قضايا الفقه والأصول وذلك لمعرفة العلة الصحيحة التي ترتب عليها الحكم.


(١) بيان تلبيس الجهمية: (١/ ٣٢٦).
(٢) المرجع السابق: (٢/ ٤٩٥).
(٣) لسان العرب: (٤/ ١٩١٩).
(٤) التعاريف: (١٩٨). وانظر: التعريفات: ١٥٥.
(٥) المرجع السابق: (١٩٨).

<<  <   >  >>