للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما استخدمه المتكلمون أيضًا في إثبات مسائل الاعتقاد، يقول الإيجى: "وثانيها أي ثانى الأمور التي هي أشهر الطرق المثبتة للعلة المشتركة السبر، كأن يقال مثلًا علة كون السواد مرئيًا: إما وجوده، أو كونه عرضًا، أو محدثًا، أو لونًا، أو كونه سوادًا، والكل باطل سوى الوجود، والله سبحانه موجود فيصح رؤيته". (١)

وقد تتعدد الغاية من استعمال السبر والتقسيم في الحكم، فقد يراد به إبطال جميع الأقسام الواردة، وقد يراد به إبطال بعضها أو تصحيح الجميع. (٢)

والصاوى متابعة لمنهج المتكلمين نراه يستخدم هذا النوع من الاستدلال العقلى للوصول إلى ما يرمى تقريره من المسائل العقدية، ومن ذلك تقريره لدليل التمانع في إثبات الوحدانية، يقول: "لو فرض إلهان وأرادا معًا إيجاد شيء والآخر إعدامه، فإما أن يتم مرادهما معًا وهو باطل؛ للزوم اجتماع الضدين، أو لا يتم مرادهما معًا وهو باطل أيضًا للزوم عجز من لا يتم مراده، وعجز من يتم مراده أيضًا؛ لوجود المماثلة بينهما، فبطل التعدد وثبتت الوحدانية.

وإذا فرض اتفاقهما فهو باطل أيضًا لوجود التوارد، وتقريره أيضًا أن يقال: لو فرض إلهان، وأرادا معًا إيجاد شيء فإما أن يحصل بإرادتهما معًا، وذلك باطل لأنه يلزم عليه اجتماع مؤثرين على أثر واحد، أو يسبق إلى إيجاده فيلزم عليه عجز الآخر، أو تحصيل الحاصل، ويلزم عجز الأول لوجود المماثلة بينهما" (٣)

فأبطل جميع الاحتمالات الممكنة من وجود إلهين قادرين.

* * *

هذا وليس في استخدام هذا الضرب من الاستدلال ما يخالف الحق فقد وجد في القرآن الكريم بعض صور منه، وذلك في قوله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: ٣٥]


(١) المواقف: ١٩٣.
(٢) انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: ٩٩.
(٣) حاشية الجلالين: (٢/ ٢٩٢)، وانظر: حاشية الخريدة البهية: ٦٣، وحاشية جوهرة التوحيد: ٢١.

<<  <   >  >>