للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرفع فلا يتحقق له الوقوع كما كتب أولًا، وهذا المعنى مما ثبت به الخبر عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: (تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء) (١).

والصاوى عند تفسير هذه الآية الكريمة يعرض ما ورد فيها من أقوال، فقد ذهب البعض إلى أن المحو قد يقع في اللوح المحفوظ، وفي الصحف معًا، وبهذا المعنى يكون المراد بأم الكتاب؛ علم الله تعالى المتعلق بالأشياء أزلًا.

أما القول الثاني فيما يقع فيه التغير أن المحو والإثبات يقعان في صحف الملائكة فقط.

وعلى هذا يكون المراد بأم الكتاب؛ اللوح المحفوظ، وهو لا يقبل التغيير، ولا التبديل.

وبهذا العرض المجمل يصل الصاوي إلى الفائدة المستخلصة من جملة الآراء، فيقول: "والحاصل أن ما في علم الله لا يقبل التغيير جزمًا، والخلاف في اللوح المحفوظ، والآية محتملة" (٢).

- وفي بيان الفرق بين العلم والكتابة؛ فإنه يقوم بعقد مقارنة بينهما؛ يبين فيها أن العلم دائرته أوسع من اللوح، ودليله في ذلك أن "ذات الله وصفاته أحاط بها العلم لا اللوح والكائنات، وما يتعلق بها أحاط بها اللوح والعلم" (٣).

[مرتبة المشيئة]

يعرف الصاوي المشيئة بالإرادة، فلا يرى ثمة فرقًا بينهما، ويبين بعد ذلك ما تتعلق به الإرادة؛ حيث يقصر تعلقها على الممكن دون المستحيل، أو الواجب كما سبق بيانه.

فالأسماء والصفات الحسنى لا تعلق للمشيئة بها، والمستحيل كذلك (٤).


(١) أخرجه البخاري في: كتاب القدر - باب من تعوذ بالله، رقم الحديث: ٧٣٠٧.
(٢) حاشية الجلالين: (٢/ ٢٥٨).
(٣) المرجع السابق: (٢/ ١٨).
(٤) وقد سبق تعليله لما ذهب إليه، فليراجع في مبحث الأسماء والصفات: ٢٣٢.

<<  <   >  >>