للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأقول مستعينة بالله تعالى:

- أولًا المراد بالمتشابه:

- المتشابه في اللغة: "أن يشبه اللفظ اللفظ في الظاهر، والمعنيان مختلفان كقوله تعالى: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة: ٢٥] " (١):

للسلف الصالح أقوال في بيان المراد بالمتشابه في هذه الآية الكريمة وكلها لا تخرج عن هذين القولين:

الأول: تحديد أمور معينة مما ورد في الشرع قصر السلف وقوع التشابه عليها، لكثرة الاختلاف الواقع بين الناس في المراد بها. وضربوا لذلك أمثلة منها الحروف المقطعة في أوائل السور. (٢) وحقيقة ما أخبر الله تعالى به من أمور الغيب كالجنة والنار والميزان وما اتصف به من صفات، يشهد لهذا قول الإمام مالك - رحمه الله -: [الكيف مجهول].

وهذا مما اتفق السلف على أنه من المتشابه. (٣)

الثاني: القول بنسبية التشابه، بمعنى أنه قد يشتبه أمر على شخص دون آخر فكل من وقع في أمر التبس عليه فهو مشتبه بالنسبة له، وبهذا المعنى تكون آيات القرآن كلها من المحكم وإنما يقع الناس في الاشتباه نتيجة لاختلاف قدراتهم وما وصل إليهم من بيان المعنى المراد بالآيات الكريمة، من ذلك قول المصطفى - عليه الصلاة والسلام -: (الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس) (٤). حيث لم يقطع بامتناع علمها لكل الناس فتحصل من ذلك أنها عدت من المتشابه لكونها مما لا يتأتى علمه لكل الناس. (٥)


(١) انظر: تاويل مشكل القرآن، لابن قتيبة: ١٠٢.
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير: (١/ ٤٥٠).
(٣) مجموع الفتاوى: (١٧/ ٣٧٩).
(٤) أخرجه البخاري في الصحيح - كتاب الإيمان - باب فضل من استبرأ لدينه، برقم: ٥٢. ورواه مسلم - كتاب المساقاة - باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم: ١٥٩٩.
(٥) انظر: فتاوى شيخ الإسلام: (١٧/ ٣٨٠).

<<  <   >  >>