للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد بينت الآية الكريمة أن جميع الأقسام الممكنة من المتسبب في الخلق سوى الله تعالى باطلة، فإما ألَّا يكون ثمة خالق لهم، وهذا باطل وإما أن يكون الخالق هو نفس المخلوق وهذا باطل، فتعين أن يكون الخالق هو الرب تعالى، وقد حذف هذا القسم لظهوره. (١).

وقد درج العلماء على استخدام هذا النوع من الاستدلال لتقرير الحق وهذا كثير في كلام شيخ الإسلام - رحمه الله -، ومن ذلك ما ذكره شيخ الإسلام في بيان دليل القدرة، يقول: "والدليل على قدرته إيجاد الأشياء وهى إما بالذات وهو محال وإلا لكان العالم وكل واحد من مخلوقاته قديمًا وهو باطل فتعين أن يكون فاعلًا بالاختيار وهو المطلوب" (٢).

ومع صحة الدليل إلا أن خطأ الأشاعرة هنا يتجه إلى استخدامهم الدليل، ويتضح هذا من خلال الدليل الذي ذكره الإيجى، فإنه جعل لعلة المصححة للرؤية هي الوجود، ولا شك أن في هذا الاختيار ضعف، لأنه إذا صح وجب سحب الحكم بصحة الرؤية لكل موجود وهذا مما لا يسلم لهم، إذ لأمكن رؤية الروائح والأصوات لكونها موجودة، وقد علم بطلان هذا بالضرورة، وكان السبب في اختيارهم هذا المصحح هو محاولة التفلت من إلزامهم بإثبات الجهة لله تعالى، وهذا ما ألزمهم به شيخ الإسلام - رحمه الله - وأبان به فساد مذهبهم في نفى الجهة عن الله تعالى، والصحيح أن الرؤية تثبت عند سلامة البصر، وكون المرئى في جهة، وقيامه بالنفس (٣).

ثالثًا: الاستدلال بالقياس المنطقي:

" القياس قول مؤلف من قضايا إذا سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر، كقولنا


(١) أضواء البيان، للشنقيطى: (٤/ ٣٨٩).
(٢) شرح العقيدة الأصفهانية: ٥٤.
(٣) انظر: الدرء: (١/ ٢٤٧)، (٧/ ٢٣٩)، ومجموع الفتاوى: (١٦/ ٨٤)، وانظر: موقف ابن تيمية من الأشاعرة: (٣/ ١٣٧٨).

<<  <   >  >>