للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه ذلك الوجوب أنه أمر بإقامة الحدود، وسد الثغور، وتجهيز الجيوش للجهاد، وحفظ بيضة الإسلام، وما لا يتم الواجب المطلق إلا به إن كان مقدورًا فهو واجب، ولأن في نصبه جلب منافع لا تحصى، ودفع مضار لا تستقصى، وكل ما كان كذلك يكون واجبًا" (١)

أما انعقاد البيعة باستخلاف الخليفة السابق، أو بجعله الأمر شورى بين أهل الحل والعقد، أو بالقوة والغلبة، فقد حكى الحافظ ابن حجر - رحمه الله - عن الإمام النووي وغيره إجماع أهل العلم على انعقاد الخلافة بمثل هذه الأمور". (٢)

* * *

ثانيًا: ما تنعقد به البيعة:

أما حديثه عما تنعقد به الإمامة، فقد كان القول بالنص: أي الدليل الشرعي من الكتاب أو السنة محل اختلاف لين العلماء، وقد اشتهر القول به عند الشيعة، حتى ادعى أحدهم أنه لم يقل أحد بالتنصيص على خلافة أحد من الصحابة بعد رسول الله، إلا علي - رضي الله عنه -، وقد أبطل شيخ الإسلام حجته في ذلك ببيان أن من الصحابة والسلف وأهل العلم، من ذهب إلى التنصيص على خلافة أبى بكر الصديق - رضي الله عنه - (٣).

وإلى هذا المعنى يشير الإمام ابن القيم، مستدلًا بما روى عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: "لقد أمر النبي أبا بكر أن يصلى بالناس، وإنى لشاهد وما أنا غائب، وما بى مرض، فرضينا لدنيانا ما رضيه النبي لديننا".

"ووجه ما تقرر من أن الأمر بتقديمه للصلاة؛ كما ذكر فيه الإشارة أو التصريح بأحقيته بالخلافة إذ القصد الذاتى من نصب الإمام العالم إقامة الشعائر". (٤)


(١) الصواعق المحرقة: (١/ ٢٥). وانظر: مقدمة ابن خلدون في نفس المعنى: ٣٠٣.
(٢) انظر: فتح الباري: (١٣/ ٢٠٨).
(٣) انظر: منهاج السنة: (٦/ ٤٤٣).
(٤) الصواعق المحرقة: (١/ ٦١).

<<  <   >  >>