للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد]

الإيمان بالكتب المنزلة على الرسل والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - حقيقة دعا إليها الدين الحنيف معظمًا شأنها قد أناط بتحقيقها ثبوت الإيمان الشرعي، فلا يتأتى لمعرض عنها نجاة من الكفر الموجب للخلود في النار، ويأتي الأمر بالإيمان بها تبعًا للإيمان بالمرسلين - عليهم الصلاة والسلام -، وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النساء: ١٣٦].

يقول الشيخ السعدي - رحمه الله - منبهًا إلى هذه الحقيقة: "ويدخل في الإيمان بالرسل الإيمان بالكتب، فالإيمان بمحمد يقتضي الإيمان بكل ما جاء به من الكتاب والسنة ألفاظها ومعانيها، فلا يتم الإيمان إلا بذلك" (١)

والأدلة في وجوب الإيمان بالكتب المنزلة على الأنبياء جميعًا كثيرة كلها تؤكد وجوب عدم التفريق في الإيمان بما أنزل على المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وما أنزل على الأنبياء، قال تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: ١٣٦].

ومع وجوب التزام هذا الأصل الإيماني العظيم في حق الكتب المنزلة على الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم -، إلا أنه يتفاوت من حيث ما يقتضيه ذلك الالتزام، فليس الإيمان بالكتب المنزلة على الأنبياء السابقين مماثلًا للإيمان بما أنزل على المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، إذ يكفي في الإيمان بها الإيمان الجملى الذي يقضي بتصديق كونها من عند الله تعالى على جهة الإجمال لا التفاصيل، وذلك لأسباب سيأتي


(١) الفتاوى السعدية: ١٥.

<<  <   >  >>