للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيانها، أما الإيمان بالكتاب المنزل على نبينا - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه يوجب الإيمان بكل ما ورد فيه حتى أنه من أنكر حرفًا منه قد أجمع عليه فقد كفر.

ومن هنا شرع التفصيل في كيفية الإيمان بالكتب بتقسيمه على نوعين: الإيمان المجمل، والإيمان المفصل.

أما الإيمان المجمل؛ فهو الإيمان الذي يتعلق بالكتب السابقة، وحقيقته؛ أنه إيمان يقوم على التصديق بأن هذه الكتب بأسمائها قد أنزلها المولى تبارك وتعالى على أنبياء معينين بأسمائهم، وأنها قد احتوت على أصول الإيمان المعروفة، كالإيمان بالله، وأسمائه وصفاته، وتوحيده، والإيمان بالرسل، والملائكة، وأن كل ما فيها فهو خير، أنزله المولى تعالى رحمة وهداية للمرسل إليهم.

وفي الدلالة على ما احتوته تلك الكتب من توحيد الله تعالى من أصول الإيمان، ثبوت ذلك بالدليل القطعي من القرآن والسنة، قال: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: ١٣].

وعليه فإن أي أمر لم يثبت وجوده في الكتب السابقة بطريق الوحي المعصوم فلا يلزم الإيمان به؛ ولو مع عدم مخالفته لما تقرر من الشريعة المحفوظة، دل على ذلك الحديث الصحيح، فعن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: {آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ}) (١).

وأساس ذلك التفريق في كيفية الإيمان بتلك الكتب ما دلت عليه النصوص الشرعية في إثبات حصول التحريف لتلك الكتب، حيث داخلها الكثير من


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الاعتصام بالسنة - باب قول النبي: (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء)، رقم الحديث: ٧٣٦٢.

<<  <   >  >>