للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شارح المواقف في بيان أن العالم هو من قامت به صفة العلم، فقد اعتمد ما عليه القدماء من الأشاعرة وهو قياس الغائب على الشاهد؛ فإن العلة واحدة والشرط لا يختلف غائبًا وشاهدًا، ولا شك أن علة كون الشيء عالمًا في الشاهد هو العلم، فكذا في الغائب، وحد العالم ههنا من قام به العلم، فكذا حده هناك، وقس على ذلك سائر الصفات (١).

ويتابع الصاوى أسلافه في ذلك، حيث استخدم هذا النوع من مسالك الاستدلال العقلى، في إثبات صفات المعانى، وهى الصفات السبع التي يثبتها الأشاعرة، فيقول على سبيل المثال في دليل صفة الحياة: "أن تقول: الله تعالى متصف بالقدرة والإرادة والعلم؛ وكل من كان كذلك تجب له الحياة، فينتج الله تجب له الحياة".

كما يتابعهم في نفى ما سواها بالتأويل أو التفويض، فيقول في صفة الحياء، منتهجًا نفس المنهج السابق: "الحياء في حق الحوادث تغيير وانكسار، يعترى الإنسان من فعل ما يعاب، ولازمه الترك، فأطلق في حق الله، وأريد لازمه وهو الترك" (٢).

[مناقشة]

يعترض على هذا النوع من الاستدلال؛ بأنه لا يصح طرده في جميع الوجوه، وذلك لعدم استواء طبيعة الشاهد والغائب، وهذا ما أنكره ابن رشد على المتكلمين في استخدامهم هذا النوع من الاستدلال، في الحكم على جميع الأعراض بالحدوث، يقول: "فتؤول أدلتهم على حدوث جميع الأعراض إلى قياس الشاهد على الغائب، وهو دليل خطابى إلا من حيث النقلة معقولة بنفسها، وذلك عند التيقن باستواء طبيعة الشاهد على الغائب" (٣).


(١) المواقف للإيجى: (٣/ ٦٩).
(٢) انظر: مبحث الأسماء والصفات: ٢٠١.
(٣) الكشف عن مناهج الأدلة: ١٠٩.

<<  <   >  >>