للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتصرف، ويحكى هذه المعانى ابن فورك عن شيخه الاشعرى: "الواحد والأحد بمعنى التوحد، الذي هو التفرد النافى للاشتراك والازدواج في النفس والفعل والحكم والصفة؛ لأنه في نفسه غير منقسم، وفى نعته لا مثل له، وفى تدبيره لا شريك له، فهو واحد من هذه الوجوه، ولا فرق بين الأحد والواحد عنده". (١)

[رأي الشيخ الصاوي]

يوافق الصاوى من تقدمه من الأشاعرة في معنى التوحيد؛ حيث يقرر ما ذهبوا إليه من أن المعبود متصف بالوحدة في الذات، والصفات، والأفعال، (٢) وذلك بـ: "نفى الكموم الخمسة، وتوضيحه: أنه لا نظير له في ذاته، أي أن ذاته ليست مركبة من أجزاء، وليس لأحد ذات كذاته، ولا في صفاته، أي ليست صفاته معددة من جنس واحد، بمعنى أنه ليس له علمان ولا سمعان، وليس لأحد صفة كصفات مولانا، فهذه أربعة كموم: متصلان في الذات والصفات، ومنفصلان بينهما، والخاص المنفصل في الأفعال، بمعنى أنه ليس لأحد فعل مع الله، وأما المتصل فهو ثابت لا ينفى؛ لأن أفعاله على حسب شؤونه". (٣)

ومع ما تقدم فقد يظهر عليه التأثر باعتقاد السلف، كما هو معلوم من حال متأخرى الأشاعرة أمثال الدردير والجمل، وذلك في مثل تفسير الآية الكريمة: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: ٨٥] حيث بين أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قد ابتدأ بالدعوة إلى التوحيد: عبادة الله وحده، ثم علل توجهه إليه أولًا بأنه الأصل وما بعده فرع، يقول: "أمرهم بالتوحيد أولًا؛ لأنه أهم الأشياء وأصلها وغيره فرع، فإذا صلح الأصل صلح الفرع". (٤)


(١) مجرد مقالات الأشعري: ٥٥.
(٢) انظر: حاشية الجلالين: (٢/ ٢٨٦)، (٤/ ٤٦).
(٣) المرجع السابق: (٣/ ٧٠). وانظر: (١/ ٧٠) والحاشية على الخريدة البهية ١٩.
(٤) المرجع السابق: (٢/ ٢١٠).

<<  <   >  >>