للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: صفات المعاني

سبقت الإشارة إلى بيان مذهب الأشاعرة فيما أثبتوه من الصفات التي أطلقوا عليها صفات المعاني، حيث اعتقدوا فيها إثبات معنى قائم بالذات على خلاف غيرها من الصفات.

وفى تحقيق قيامها بالبارى تعالى على جهة يصح إثبات اتصافه بها، يقول الباقلانى: "فإن قال قائل: ولم قلتم إن للقديم تعالى حياة وعلمًا وقدرة وسمعًا وبصرًا وكلامًا وإرادة؟

قيل له: من قبل أن الحى العالم القادر منا إنما كان حيًا عالمًا قادرًا متكلمًا مريدًا؛ من أجل أن له حياة وعلمًا وقدرة وكلامًا وسمعًا وبصرًا وإرادة، وأن هذه فائدة وصفه بأنه حى عالم قادر مريد.

يدل على ذلك أن الحى منا لا يجوز أن يكون حيًا عالمًا قادرًا مريدًا، مع عدم الحياة والعلم والقدرة، ولا توجد به هذه الصفات إلا وجب بوجودها به أن يكون حيًا عالمًا قادرًا، فوجب أنها علة في كونه كذلك، كما وجب أن تكون علة كون الفاعل فاعلًا، والمريد مريدًا: وجود فعله وإرادته، التي يجب كونه فاعلًا مريدًا لوجودها، وغير فاعل مريد بعدمها، فوجب أن يكون الباري سبحانه ذا حياة وعلم وقدرة وإرادة وكلام وسمع وبصر، وأنه لو لم يكن له شيء من هذه الصفات، لم يكن حيًا ولا عالمًا ولا قادرًا ولا مريدًا ولا متكلمًا ولا سميعًا ولا بصيرًا يتعالى عن ذلك" (١).

وفى بيان ذلك، يقول الشهرستانى مقررًا ما قام عليه مذهب الأشعري: "قال أبو الحسن: الباري تعالى عالم بعلم، قادر بقدرة، حى بحياة، مريد بإرادة، متكلم بكلام، سميع يسمع، بصير يبصر، وهذه الصفات أزلية قائمة بذاته تعالى، لا يقال: هي هو، ولا هي غيره، ولا هو، ولا غيره.


(١) التمهيد: ٢٢٧.

<<  <   >  >>