إن هذه الحاشية لتعد من أضخم مؤلفات الصاوى، وأبرزها مكانة، وذلك لاشتمالها على عدد من العلوم والفنون؛ مما يدل على تمكنه منها، وذلك في الكثير من الآيات التي قام بتفسيرها.
وسأبدأ بالحديث عن مجال الفقه على اعتبار ما تميز به الصاوى من تمكن في هذا الجانب.
فالصاوى مجتهد مشهود بإمامته في هذا الباب؛ ولكنه غالبًا لا يخرج عن أقوال الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المعروفة: مالك، والشافعي، وأحمد، وأبى حنيفة، وذلك لأنه يرى في الخروج عليهم مخالفة للجماعة، وأضرب لذلك مثالًا، ففى تفسير قوله تعالى:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[الجمعة: ١١].
يقول الصاوى عند تفسيره لها:"قال جمهور العلماء: الخطبة فريضة في صلاة الجمعة، وقال داود الظاهرى: هي مستحبة، ويجب أن يخطب الإمام قائمًا خطبتين يفصل بينهما بجلوس. وقال أبو حنيفة، وأحمد: لا يشترط المام ولا القعود، ويشترط الطهارة في الخطبة عند الشافعي في أحد القولين، وأقل ما يقع عليه اسم الخطبة أن يحمد الله تعالى، ويصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويوصى بتقوى الله، وهذه الثلاث شروط في الخطبتين جميعًا، ويجب أن يقرأ في الأولى آية من القرآن، ويدعو للمؤمنين في الثانية، ولو ترك واحدة من هذه الخمس لم تصح خطبته، ولا جمعته عند الشافعي، وذهب أبو حنيفة إلى أنه لو أتى بتسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة أجزأه، وذهب مالك إلى أن ما يقع عليه عند العرب اسم الخطبة هو كلام مسجع مشتمل على تحذير وتبشير" اهـ (١).