للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا وكثيرًا ما تتوج تلك الأقوال برأى الإمام مالك، كما هو واضح على اعتبار تمذهبه بمذهبه - رضى الله عنه - ولكن مما يؤخذ عليه في هذا الجانب ما يسلكه من مذهب التشديد في عدم الخروج عن الأئمة الأربعة، ولو مع وجود الموجب الشرعي، كالأدلة الصريحة من الكتاب والسنة.

وقد اعتنى الصاوى أيضًا بعلم القراءات في حاشيته على الجلالين، فأى موضع ذكر فيه السيوطي أو المحلى قراءة، فرنه يقوم ببيان نوعها، سبعية أو عشرية أو شاذة، كما يعتنى بتوجيهها وذلك من حيث اللغة والإعراب، وقد ينبه على أثر تلك القراءة في المعنى، وإذا لم يكن قد استوعب ذكر جميع القراءات، إلا أن اهتمامه بها واضح في حاشيته، وقد يذكر بعض القراءات التي لم يذكرها الجمل في الأصل.

مثال ذلك: يفسر السيوطى قوله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: ٥٨]: أي تحط عنا خطايانا، يقول الصاوى معلقًا: "وفى قراءة شاذة بنصب حطة، إما مفعول مطلق، أي حط عنا الذنوب حطة، أو مفعول لمحذوف أي نسألك حطة" (١)

كما تتسم حاشية الصاوى بالإكثار من المسائل اللغوية والنحوية والبلاغية، مما يدل على تمكن صاحبها من هذه العلوم المهمة، والأمثلة على ذلك كثيرة.

ففى بيان معانى الكلمات القرآنية من جهة اللغة، يقول عند تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: ٨٣].

أزًّا: مفعول مطلق لتؤزهم، والأز يطلق على الغليان، وعلى الحركة الشديدة وعلى التهيج والإزعاج، وهو المراد هنا" (٢).

ويظهر اهتمامه بالمسائل البلاغية في، كثير. من المواضع، يقول عند قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣].


(١) انظر: حاشية الجمل: (١/ ٥٦)، وحاشية الصاوى: (١/ ٣٠).
(٢) حاشية الصاوى: (٣/ ٤٤).

<<  <   >  >>