للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: "صراطى مستقيمًا، أي دين لا اعوجاج فيه، فشبه الدين القويم بالصراط بمعنى الطريق، بجامع أن كلِّ يوصل للمقصود، واستعار اسم المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التصريحية الأصلية" (١).

أما عن المسائل النحوية، فلا تكاد تخلو شروحه على أي آية منها، وهو فيها بين اختصار لإفادة المعنى فقط، وبين إسهاب وتفصيل يرى فيه زيادة في الوضوح والإفهام، وأضرب لكلٍّ مثال، يقول عند قوله تعالى: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النمل: ٢٨]

: "انظر، بمعنى انتظر؛ فماذا بمعنى الذي، ويرجعون صلته والعائد محذوف، ويكون ما مفعول يرجعون، والمعنى انتظر الذي يرجعونه" (٢).

يقول عند قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ} [الأنعام: ١٥, ١٦].

: "عذاب يوم عظيم: مفعول لأخاف، وجملة إن عصيت ربى: شرطية، وجوابها محذوف دل عليه أخاف، وهى معترضة بين الفعل، وهو أخاف ومعموله وهو عذاب.

قوله: من يصرف عنه، من: اسم شرط، ويصرف: فعل الشرط، ونائب الفاعل: مستتر يعود على العذاب على القراءة الأولى.

والفاعل الله على القراءة الثانية، وعنه جار ومجرور متعلق بيصرف.

وقوله: (فقد رحمه)، جواب الشرط، والمفعول محذوف تقديره العذاب، والمعنى: من يصرف الله العذاب عنه يوم القيامة فقد رحمه، وفى ذلك تعريض بأن الكفار لا يرحمون، لأنه يصرف عنهم العذاب" (٣).

واهتمامه باللغة لم يقتصر على الإعراب والنحو فقط، بل ظهر أيضًا في حديثه


(١) حاشية الصاوي: (٢/ ٥٣).
(٢) حاشية الجلالين: (٣/ ١٨٢).
(٣) المرجع السابق: (٢/ ٦).

<<  <   >  >>