للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن مبانى الكلمات من الناحية الصرفية، مثال ذلك في قوله تعالى: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦].

يقول المحلى في هذه الآية: "قوله ترين: حذفت منه لام الفعل وعينه، وألقيت حركتها على الراء، وكسرت ياء الضمير لالتقاء الساكنين".

يقول الصاوى موضحًا: "قوله: (حذفت منه لام الفعل) أي، وأصله: تترأيين، بهمزة هي عين الكلمة، وياء مكسورة، هي لامها، وأخرى ساكنة، هي ياء الضمير، والنون علامة الرفع، نقلت حركة الهمزة إلى الراء، فسقطت الهمزة، فتحركت الياء، وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا فالتقى ساكنان حذفت لالتقائهما، ثم أكد بالنون وحرك بالكسر، ففيه ستة إعمالات نقل الحركة، وسكون الهمزة، وقلب الياء ألفًا، وحذفها، وتأكيده بالنون، وتحريكه بالكسر، وإن نظرت لحذف نون الرفع للجازم، كانت سبعة، أفاد المفسر منها خمسًا، ولم يرتبها كما يعلم بالتأمل" (١).

هذا والمآخذ على هذه الحاشية كثيرة، وليس في هذا منعًا من الاعتراف بمكانتها العلمية، من حيث اشتمالها على كثير من العلوم الشرعية، التي هي المستند الصحيح في تفسير القرآن الكريم (٢).

وإذا كنت قد تناولت في هذا البحث - الذي أسأل الله الكريم أن ينفع به - جميع المآخذ العقدية التي احتواها التفسير، وحرصت على مناقشتها في ضوء عقيدة السلف الصالح، فقد أردت أن أنبه هنا على بعض تلك المآخذ؛ حتى يتكون لدى القارئ تصور سليم، وفكرة متكاملة، عن هذا المؤلف المهم، قبل الشروع في الدراسة التفصيلية لهذه المآخذ، عبر مناقشة آرائه العقدية في جميع كتبه.

فإن ما يؤخذ على الصاوى في هذه الحاشية من المآخذ العقدية له جانبان أحدهما لا ينفك عن الآخر، جانب يتعلق بالمنهج وجانب آخر يتعلق بالنتيجة المترتبة على


(١) المرجع السابق: (٣/ ٣٤).
(٢) سيأتي الحديث عن هذا في مبحث القرآن الكريم بإذن الله: ٣٨٢.

<<  <   >  >>