للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سلوك هذا المنهج، وهى المسائل الواردة فيه، فمع أن الصاوى قد انتهج المنهج السديد في تفسير القرآن الكريم، وهو التفسير بالمأثور في الغالب، إلا أنه كان يخرج عنه بين الفينة والأخرى، فنراه يعمد في بعض الأحيان إلى تفسير القرآن بالرأى المجرد متبعًا مسلك الصوفية في تفسير القرآن بالإشارة والمواجيد، فمثلًا يفسر قوله تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: ١٦].

قائلًا: "وفي الآية معنى إشارى للصوفية، وهو أن العباد لو حصلت منهم الاستقامة على الطريقة بالانهماك في مرضات الله تعالى لملأ الله قلوبهم بالأسرار والمعارف والمحبة الشبيهة بالماء في كونها حياة الأرواح كما أن الماء حياة الأجسام، فيحصل لهم بذلك الفتنة فيه بأن يسكروا ويطربوا ويدهشوا، ويخرجوا عن الأهل والأوطان، فالاستقامة سبب للرزق، الظاهرى والباطنى" (١).

كما لا يخفى أن عقيدة الصاوى الأشعرية كانت تحمله على تفسير آيات العقيدة وفق المنهج الأشعري، فيقع بسبب ذلك في التأويل المذموم، خصوصًا في الآيات المتعلقة بالصفات الإلهية، وقد عمد من أجل ذلك إلى استخدام عبارات المتكلمين المبتدعة، والتى كان لها أثر خطير على التنظير المنهجى لتلقى العقيدة من القرآن الكريم، كالقول بأن: "الأخذ بظواهر الكتاب والسنة كفر" (٢)، وعبارات أسلافه التي شنع عليها أئمة السلف من قبل (٣).

كما أنه أورد بعض الاتهامات الجائرة في أئمة فضلاء، كانوا ممن حمى حمى التوحيد دهرًا، وكان لهم الفضل في الدعوة إليه أبدًا، رضى الله عنهم وأرضاهم وذلك مثل الإمام التقى الفاضل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - حيث وصمه بأنه ضال مضل (٤)، ومثل دعاة التوحيد في أرض نجد، والذين أطلق عليهم الاسم المعروف: بالوهابية.


(١) حاشية الصاوى: (٤/ ٢٤٢).
(٢) حاشية الصاوى: (١/ ٥٣).
(٣) سيأتي الحديث في هذا مفصلًا بإذن الله في المبحث الثاني.
(٤) حاشية الجلالين: (١/ ١٠٠).

<<  <   >  >>