للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا وقد اتهمهم بتهمة محاكاة الخوارج، مما يوحى بانحراف منهجه عن المسلك القويم.

والحاشية مليئة بالترضى على كبار ملاحدة التصوف كابن عربى، وابن الفارض (١).

ومليئة بنقل كلامهم الضال المبتدع، ومليئة بالأوهام الصوفية المنافية للتوحيد من التشريع للتوسل بالصالحين بعد موتهم، وغير ذلك، ولعلى أذكر هنا طرفًا من تلك الانحرافات وسأترك مناقشتها إلى مكانها في هذا البحث، ومن ذلك نقله عن ابن الفارض في معرض كلامه عن مقاصد عباد الله الصالحين، يقول: "بل بعض العبيد من أهل المحبة في الله لا ينتظر بعمله الجنة، بل يقول: عبدناك لذاتك لا لشيء آخر. قال العارف ابن الفارض حين كشف له عن الجنة وما أعد الله له فيها في مرض موته:

إن كان منزلى في الحب عندكم ... ما قد رأيت ضيعت أيامى" (٢)

والكثير من مثل هذه الأقوال التي فيها مخالفة صريحة لمنهج الرسل - عليهم السلام - والسلف الصالح - رضوان الله عليهم -، وقد أدى في مجموع هذه المواقف المبتدعة إلى وسم هذه الحاشية بسمة الابتداع والضلال، ومما لا شك فيه أن تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء مصرحًا به في باب الابتداع، فقد صح في الحديث عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين. ويقرن بين أصبعيه: السبابة والوسطى، ويقول: (أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) (٣).

وسيأتي الكلام عن هذا مفصلًا في موضعه بإذن الله من هذا البحث.


(١) حاشية الجلالين: (١/ ١٣٨).
(٢) المرجع السابق: (١/ ٢٣٢).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الجمعة - باب رفع الصوت عند الخطبة، رقم الحديث: . . .

<<  <   >  >>