للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعن أبي سعيد الخدري أنه كان يقول لمن يأتيه طالبًا العلم: "مرحبًا بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الناس لكم تبع وإن رجالًا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرًا) (١) ".

وقد تمثل أهل العلم العاملين به بهذا الخلق الكريم، فقد روى الخطيب البغدادي عن الربيع بن سليمان، أنه قال: "كتب إلى أبو يعقوب البويطى أن اصبر نفسك للغرباء، وأحسن خلقك لأهل حلقتك، فإني لم أزل أسمع الشافعي - رحمه الله - يكثر أن يتمثل بهذا البيت:

أهين لهم نفسي لكي يكرموها ... ولن تكرم النفس التي لا تهينها (٢) " (٣).

* * *

[آداب التلقي]

أما عن حديثه في بيان الآداب على جهة التفصيل، فقد ذكر عددًا من الآداب الصحيحة، التي درج على اعتمادها أهل العلم منذ القرون المفضلة، فاحترام الشيخ وتعظيمه والتأدب معه من الأمور التي دلت عليها الآيات والأحاديث، قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١].

ويقول الإمام النووي في بيان آداب المتعلم مع شيخه: "وينبغي أن يتواضع لمعلمه ويتأدب معه، وإن كان أصغر منه سنًا، وأقل شهرة ونسبًا وصلاحًا، وغير ذلك ويتواضع للعلم فبتواضعه يدركهـ وقد قالوا نظمًا:

العلم حرب للفتى والمتعالي ... كالسيل حرب للمكان العالي

وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقبل قوله كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق. وهذا أولى" (٤)


(١) أخرجه الترمذي في كتاب العلم - باب ما جاء في الاستيصاء بمن يطلب العلم، رقم الحديث: ٢٦٥٠: (٥/ ٣٠). وأخرجه ابن ماجه في صحيحه: كتاب تعظيم حديث رسول الله - باب الوصاية بطلبة العلم، رقم الحديث: ٢٤٩: (١/ ٩١). وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، برقم: ٢٠١: (١/ ٤٧).
(٢) ديوان الشافعي: ١١٨. تحقيق يوسف البقاعي.
(٣) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: (١/ ٣٤٩).
(٤) آداب حملة القرآن: ٣٧.

<<  <   >  >>