للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام، ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته، فإنه أقرب إلى انتفاعه به، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء وقال: اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني.

وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: من حق المعلم عليك أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشيرن عنده بيدك ولا تغمزن بعينيك، ولا تقولن: قال فلان خلاف ما تقول، ولا تغتابن عنده أحدًا، ولا تشاور جليسك في مجلسه، ولا تأخذ بثوبه إذا قام، ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تعرض أي تشبع من طول صحبته، وينبغي أن يتأدب بهذه الخصال التي أرشد إليها علي - كرم الله وجهه -، وأن يرد غيبة شيخه إن قدر فإن تعذر عليه ردها فارق ذلك المجلس" (١).

وقال الحسين بن علي - رضي الله عنهما -، لابنه: "يا بني إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الصمت، ولا تقطع على أحد حديثًا وإن طال حتى يمسك" (٢).

وكان هذا هو ديدن أهل العلم في العصور المفضلة، يروى الخطيب البغدادي عن أحد الذين حضروا مجالس الإمام مالك - رضي الله عنه -، حيث يقول: "رأيت مالك بن أنس غير مرة، وكان بأصحابه من الإعظام له والتوقير له. وإذا رفع أحد صوته صاحوا به. وكان إلى الأدمة ما هو" (٣)

* * *

أما آداب الإخوان فقد وردت فيها نصوص شرعية كثيرة، كلها تفيد الحث على التآخي، ونبذ أسباب الفرقة والخلاف، والقيام بحق الإخوان باطنًا وظاهرًا، ولهذه الحقوق أشكال متعددة، فمنها ما يستند إلى الكف عن الأذى؛ كترك الحسد والحقد


(١) آداب حملة القرآن: ٣٧ - ٣٨.
(٢) جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر: (١/ ٥٢١). وانظر: كتاب الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي: ١٠٠.
(٣) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: (١/ ١٨٢).

<<  <   >  >>