للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(المبحث الأول): أقسام المقامات (عند الصوفية)]

لقد سبقت الإشارة إلى أن الحديث عن المقامات والأحوال في الفكر الصوفي؛ حديث عن أهم الموضوعات التي يدور محور اهتمامه حولها، فالتوبة، والشكر، والرضا، والإخلاص، ومن ثم الفناء والبقاء والصحو والفرق والجمع، هي أهم ما يعتنى الصوفية للحديث عنه، واتجاهات القوم في تقرير هذه المقامات تختلف تبعًا الموقفهم من مصادر التصوف المختلفة، فحديث أوائل الصوفية في المقامات يختلف عن حديث المتأخرين، ولعل كتاب (مدارج السالكين) أقرب ما يكون في بيان حقيقة المقامات عند المتقدمين، ومع التسليم بوجود بعض المخالفات في تحرير مدارج العبودية؛ من حيث التعمق الغير معهود، أو استخدام عبارات لم يكن لها وجود عند السلف، إلا أنها تخالف ما عليه متأخرو الصوفية، حيث شابهوا العقائد الوثنية عند الهنود والفلاسفة؛ فظهرت مخالفتهم جلية في حقائق التوحيد.

وكما وقع الاختلاف في تعريف المقام بين محققى الصوفية، فقد وقع في تعداد المقامات وبيانها، فنجد أن الطوسي قد قسم المقامات إلى سبعة: التوبة، والورع، والزهد، والفقر، والصبر، والتوكل، والرضا، ومع ذلك فلم يصدر حكمًا باقتصار المقامات عليها، قائلًا: (وغير ذلك) (١)، أما في عوارف المعارف؛ فقد عدت بعشرة: التوبة، والورع، والزهد، والصبر، والفقر، والشكر، والخوف والرجاء، والتوكل، والرضا. (٢)

هذا وقد عد بعض الصوفية الفناء والبقاء، والجمع والفرق من الأحوال، وعدها البعض من المقامات، والبعض جوز كليهما، فيكون الفناء في مبدأ الأمر حالًا؛ فإذا


(١) اللمع: ٦٥.
(٢) عوارف المعارف، للسهروردى: ٢٣٨.

<<  <   >  >>