للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[طرق المعرفة]

كثيرًا ما يبتدئ المتكلمون الكلام في معرفة الله تعالى بالحديث عن أول واجب على المكلف، وذلك بعرض الآراء المتعددة في المسألة، ومن ثم ترجيح الرأى الذي يناسب معتقدهم في طريق الوصول إلى معرفة الله تعالى، فالذين ذهبوا إلى أن معرفة الله تعالى لا تحصل إلا بالنظر اختلفوا في أول واجب على المكلف (١)، فقال بعضهم: إن أول واجب هو الشك (٢).

وهذا القول منسوب إلى أبى هاشم الجبائى المعتزلى (٣)، وهو الذي يسمى بالشك المنهجى كما هو معروف في الفلسفة، حيث يلتزم به من أراد الوصول إلى العلم المنافى للشك بأن يشك في ما لديه من علوم، ثم يقوم بتفنيد الشبهات التي أدت إلى شكه حتى يصل إلى الجزم بحقيقة تلك العلوم، (٤) وهذا بعينه الذي تحدث عنه الغزالي (٥) في كتابه: المنقذ من الضلال. (٦)

أما القول بأن أول الواجبات النظر، أو القصد إلى النظر فهذا في حقيقته يرجع إلى اعتقاد عدم تحقيق المعرفة إلا بالنظر، وهذا رأى المعتزلة على جهة الإجماع (٧).

وقد وافق عامة الأشاعرة المعتزلة في مكانة النظر، يقول الرازي: "المشهور في


(١) المواقف للإيجى: ٣٣.
(٢) الشك هو: التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك. التعريفات للجرجانى: ١٦٨.
(٣) هو عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد الجبائى، أبو هاشم بن أبي على الجبائى، المتكلم المعتزلى، واليه تنسب الطائفة الهاشمية من المعتزلة، وله مصنفات في الاعتزال توفى سنة: ٣٣١ هـ. انظر: وفيات الأعيان: (٣/ ١٨٣)، والبداية والنهاية: (١١/ ١٨٨).
(٤) انظر: يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الحديثة: ٦٦.
(٥) هو عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد الجبانى، أبو هاشم ابن أبي على الجبانى، المتكلم، المعتزلى، واليه تنسب الطائفة الهاشمية من المعتزلة، وله مصنفات في الاعتزال، توفى سنة: ٣٢١ هـ. انظر: وفيات الاعيان: (٣/ ١٨٣)، والبداية والنهاية: (١١/ ١٨٨).
(٦) انظر: حكاية ذلك عن نفسه في كتاب المنقذ من الضلال: (٨٤).
(٧) شرح الأصول الخمسة: ١٢٥.

<<  <   >  >>