للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يؤكد هذا أنه في تفسيره لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [النساء: ٢٦]؛ أول الإرادة بالمحبة، يقول: "وليست الإرادة على حقيقتها؛ لأنه يقتضى أن إرادة المده متعلقة بتوبة كل عاصٍ، مع أنه ليس كذلك فالمعنى؛ الله يحب توبة العبد فيتوب عليه" (١).

ومع عدم تفريقه بين المشيئة والإرادة؛ إلا أنه يرى ثمة تغايرًا بين الإرادة والأمر، يقول: "القسمة رباعية، لأنه:

- إما أن يأمر ويريد؛ كإيمان المؤمنين والأنبياء: أمرهم به، وأراده منهم، بدليل وقوعه.

- وإما ألَّا يأمر ولا يريد؛ ككفر من ذكر، لم يأمرهم به، ولم يرده منهم؛ إذ لو أراده لوقع.

- وإما أن يأمر ولا يريد؛ كإيمان أبى جهل وإبليس وأضرابهم، أمرهم بالإيمان، ولم يرده منهم؛ إذ لو أراده لوقع.

- وإما أن يريد ولا يأمر، ككفر من ذكر أراده منهم؛ بدليل وقوعه منهم.

فبين الأمر والإرادة عموم وخصوص من وجه؛ يجتمعان في إيمان المؤمنين؛ وينفرد الأمر دون الإرادة في إيمان الكافر، وتنفرد الإرادة دون الأمر في كفرهم".

أما عن علاقة الأمر بالرضا، فيقول: "وبين الأمر والرضا تلازم؛ لأنه لا يأمر إلا بما يرضاه" (٢).

[مرتبة الخلق]

يعتقد الصاوي بأن الله تعالى هو المنفرد بالخلق والإيجاد، ولكنه لتقرير هذا يمنع فعل العباد على الحقيقة فيبطل الأثر ويرد السبب، وله في ذلك كلام طويل، وشبه عديدة، وردود على غيره ممن خالفه في ذلك، وسأرجئ الكلام فيها لمبحث خاص؛


(١) المرجع السابق: (١/ ٢٠٢).
(٢) حاشية الجوهرة: ٢٤. وحاشية الجلالين: (٣/ ٢٤٤).

<<  <   >  >>