للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(المبحث الأول): حقيقة الإيمان]

يمثل المذهب الأشعري في القضايا المتعلقة بالإيمان امتدادًا لفكر الإرجاء الذي ظهر في المجتمع المسلم؛ كرد فعل لما ذهب إليه الخوارج في مرتكب الكبيرة (١)، ولشيغ الإسلام - رحمه الله - تقسيم يبين فيه أصناف المرجئة، وهم كالتالى:

١ - طائفة تزعم أن الإيمان مجرد ما في القلب، فمنهم من يدخل فيه أعمال القلوب، ومنهم من لا يدخلها كالأشاعرة والجهمية.

٢ - وطائفة تقول هو مجرد النطق باللسان، وهم الكرامية.

٣ - وأخرى تعتقد أن الإيمان هو تصديق القلب واللسان، وهؤلاء هم مرجئة الفقهاء (٢).

ومن خلال هذا العرض الموجز لمعتقد طوائف المرجئة في الإيمان، يمكن لنا تحديد الصنف الذين يندرج تحته الأشاعرة، وذلك أنه مما اشتهر عنهم حتى لا يكاد يخالف فيه أحد منهم أن الإيمان هو التصديق، وبالتالى فإنهم يدخلون في الصنف الأول: القائلين بأن الإيمان مجرد ما في القلب.

وعند تتبع المراحل التي مر بها الإرجاء عبر التاريخ، نجد أن إرجاء الفقهاء كان سابقًا لإرجاء الأشاعرة أو الجهمية، فقد كان في بداية الأمر محاولات فردية ظهرت للرد على الخوارج، وبالتالى لم تحمل طابع التأصيل والتنظير لذلك المعتقد، وهذا ما حمل شيخ الإسلام على التفريق بين إرجاء الفقهاء وغيرهم، فعد الأول من قبيل الخلافات اللفظية التي لا يترتب عليها بدع تتعلق بالاعتقاد، على العكس من موقفه


(١) انظر: كتاب ظاهرة الإرجاء للشيخ سفر الحوالى: (٢/ ٣٧١).
(٢) انظر الفتاوى: (٧/ ١٩٥). وانظر: المواقف للإيجى: ٣٨٤ - ٣٨٥.

<<  <   >  >>