للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعتبارها من الصلوات الشركية المحرمة، وسأكتفي بهذا القدر لضيق المقام، ولأن ما ذكرته فيه الكفاية للدلالة على المراد.

فهل بعد الذي بينته من المحاذير، التي تحملها مثل هذه الأوراد، يمكن القول: بأن الآية الكريمة التي نزلت في تنبيه بني إسرائيل على القيام بالعهد المأخوذ عليهم بطاعة الله، والإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فيها إشارة إلى التمسك بمثل هذه الأوراد، وأن من خالف شيخه فيها يعد من أهل الضلال؟ إن هذا الذي ذهب إليه بعيد كل البعد عن الصواب، بل يعد في الحقيقة هو ضرب من الضلال المذموم، والذي يحمل صاحبه على التقول في كتاب الله بغير علم.

ثانيًا: التبرك بالشيخ:

- ومن جملة ما يناقش فيه الصاوي ما أمر به المريد من اعتقاد أن حصول النعم إنما هي ببركة الشيخ، وإذا كان هذا الحديث مما سبقت مناقشته إلا أنه يتوجب هنا مزيد بيان، وذلك لأن لفظ التبرك من الألفاظ المجملة التي تشتمل على معنى حق وآخر باطل، "فأما الصحيح فأن يراد به أنه هدانا وعلمنا وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر، فببركة اتباعه وطاعته حصل لنا من الخير ما حصل" (١).

وعليه فإن مرد النعمة هنا إلى الله تعالى، كما قال سبحانه: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: ٥٣]، يقول الإمام ابن جرير في هذه الآية: "وتأويل الكلام: ما يكن بكم في أبدانكم أيها الناس من عافية وصحة وسلامة، وفي أموالكم من نماء، فالله المنعم عليكم بذلك لا غيره؛ لأن ذلك إليه وبيده" (٢).

كذلك إذا اعتقد حصول البركة بدعائه لاستقامته وصلاحه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (هل تنصرون إلا بضعفائكم). (٣)


(١) مجموع الفتاوى: (١١/ ١١٤).
(٢) جامع البيان: (٧/ ٥٩٦).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجهاد والسير، باب: من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب، رقم الحديث: ٢٨٩٧.

<<  <   >  >>